(أرشيف المشهد)
5-1-2012 | 16:54
هل جربتم أن تكونوا مدعوين إلى حدث كبير، ويكون الغائب الوحيد عن هذا الحدث هو أهم شخص كان ينبغى أن يكون حاضرا .... هذا هو ما أستشعره الآن تجاه "العقل".
نعم هناك إصرار من الجميع على قتل هذا النور الذى منحه الله سبحانه للإنسان ليصبح أسمى ما يملك.
كل اللغات حاضرة فى المشهد الآن إلا لغة العقل.
سوف تجد من يتحدث بلغة الخوف ومن يتحدث بلغة القوة ومن يتحدث بلغة الغضب ومن يتحدث بلغة القهر ومن يتحدث بلغة الانتقام ومن يتحدث بلغة التخوين ومن يتحدث بلغة التهديد ومن يتحدث بلغة الأمر الواقع ومن يتحدث بلغة القلق ومن يتحدث بلغة الإحباط ومن يتحدث بلغة المداهنة ومن يتحدث بلغة التحريض ومن يتحدث بلغة التنزيه ومن يتحدث بلغة التشكيك ... هل أكمل اللغات الأخرى الحاضرة فى مشهدنا المصرى الآن أم أن قارئى قد وصل إلى حد من الضجر لا يتحمل معها مزيدا من الحديث عن مزيد من هذه اللغات.
المدهش أنه على الرغم من هذه الكثرة وهذا الازدحام وهذا التداخل تبقى لغة العقل غائبة غيابا موجعا مقلقا معيبا، وكأن الجميع اتفقوا على إقصاء لغة العقل أو حتى اغتيالها.
البعض سوف يسارع إلى اتهام لغة العقل بأنها خيانة بينة للثورة والثوار وفى المقام الأول خيانة لدماء الشهداء.
والبعض سوف يسارع إلى اعتبار لغة العقل آخر ما تحتاجه مصر فى هذه المرحلة لأن لغة العقل تعنى فى ترجمتها البسيطة التخاذل والنكوص.
والبعض سوف يسارع إلى اعتبار لغة العقل خروجا على لغة الحق والشرع والدين، وخروجا على الإخلاص لله أو العبودية له أو الانصياع لأوامره ونواهيه.
وطبعا الأمر لن يخلو ممن ينظر إلى لغة العقل على أنها خيانة للمواقف وإمساك بالعصا من المنتصف بحيث يصبح العقل موقف اللاموقف.
هل أنا بحاجة إلى القول إن هناك من ينظر إلى لغة العقل باعتبارها تعبيرا عن الجهل بما يراه المطلعون على بواطن الأمور وأنهم هم وحدهم من يستطيع أن يقرر ما هو العقل وأين يسكن لأنهم وحدهم من يرون الخطر المحدق من الداخل ومن الخارج؟
يا أيها الملأ : أفسحوا للعقل مكانه، أنصتوا لكلماته، ثقوا أنه لن يخون ولن يهادن ولن يمضى بكم إلا إلى خير.